سيّدُ الشهور
يا واهِبَ النورِ للديجورِ والظُّلَمِ ..وناشد العدلِ في الأسيادِ والخَدَمِ
شَهرَ الصيامِ سأشكو فيكَ معضلتي ..للواحدِ الأحد الغَفّار ذي الكرمِ
لقد رُميتُ بسهمٍ غاصَ في كبدي ..لو لاهُ لم يمتلئْ جوفي منَ الألَمِ
أدمى الفؤادَ وكم صبّرتُهُ زمناً ..بالصومِ حيناً وحيناً ذلَّ عن رغمِ
ما أسوء العيشَ في دنيا اللئامِ إذا..أغروكَ بالذهب الوضّاء والنَّعَمِ!!
وأنتَ ما بينهم كالبحرِ جفَّ بهِ ..ماءٌ ، وأنهارُهم تدوي منَ العرَمِ
مجنونةٌ أنتِ يا أنهار هل علمتْ ..منكِ العقول بأني جائعٌ وظمي ؟
لكنما النفس مني تبتغي شرفاً..والعزُّ في ترك ذاكَ المرتع الوخِمِ
علّقتُ آماليَ القصوى بخالِقنا..ورحتُ أنشدُ فضلاً غير منصرمِ
فرُبَّ عاقبة تلقي بصاحِبها..ما بينَ ألسنة النيرانِ والضّرَمِ
آمنتُ أنَّ حياتي كلّها سفرٌ ..فرحتُ أبحثُ عن سترٍ ومعتصمِ
أيقنتُ أنَّ سنيني لستُ آكلَها..وحدي ، ومَنْ ظنَّ ذاكَ الظنَّ فهو عَميْ
تَمزّقَ العمرُ عندَ الجبتِ يأكلُهُ ..كالنارِ تأكلُ ما تلقاهُ في نَهَمِ
فرحتُ أصدرُ عن دنيا اللئامِ إلى.. دنيا الكرامِ ودنيا الدين والرَّحِمِ
فكم قَدِمتُ لبابِ اللهِ أسألُهُ ..رفعَ الغشاوةِ عن عينَيَّ بالتَّممِ
فطافَ بيَ طائفٌ لو رمتَ تسألهُ ..عزُّ الدعاءِ دعاءُ الصائمِ العَصِمِ
فصرتُ أنظرُ في الأقمارِطالعةً..من رغبتي فيكَ من شوقي ومن ضرميْ
عَلِّيْ سأبصرُ في الغربيَّ بارقةٌ ..تشدُّني في وثاقِ الجوعِ للحكمِ
* * *
يا ساكبَ الحُبِّ بين الناسِ ، أسوَدُهم ..صنوٌ لابيضهم ، والعربُ للعجمِ
ها قد تساوى بك الغرثانُ معرفةً ..بفضل شهركَ والشبعان ذو التخمِ
كم جاءك التائبُ المغمومُ في كُرَبٍ ..أزحتَ عنه ثقيلَ الكَرْبِ والغممِ
برحمةٍ تبتدي تتلوهُ مغفرةٌ ..حتى اختتمتَ بعتقِ خير مختتمِ
يا سيداً بينهنَّ الله فضّلَهُ ..على الشهورِ وحبلاً غيرَ مُنفصِمِ
بوركتَ يا شهرَ رمضاءٍ وإن عصفتْ ..فيكَ الهجيرة لكنْ دونما سقَمِ
تصونُ ماءَ وجوهِ المؤمنينَ إذا.. أحيوكَ متصلاً ، الصبحَ بالظلَمِ
مابين مرتعش الأطرافِ تحسبُه ..هِماً ، فرعشتُهُ بالرأسِ والقدَمِ
وبينَ قائمِ ليلٍ في تَقلُّبهِ ..غيرَ الصلاةِ وذكر اللهِ لم يَقُمِ
بالطهرِ مغتسلٌ ، للهِ ممتثلٌ ..سيماه ُ: منتفخُ العينينِ لَمْ يَنَمِ
حسبي أسَّبِحُ فيكَ اليومَ أكملَهُ ..حسبي أُكبرُ فيكَ اللهَ بالعُتُمِ
وحسبكَ الليلةُ الشماءُ أكرمها..ربُّ الأنامِ ، وهذا أفضلُ الكرَمِ
* * *
يا باترَ الجَهلِ من أصلابِ أُمتنا..وقاطع الكفر في لوحٍ مِنَ الرَّقَمِ
أفديكَ عيناً إذا ما شئتَ ساهرةً ..لكي أنالَ بفديي خير مُبتسمِ
ما فيكَ يُسعدني حقاً وينعشني ..مادمتُ أمسحُ ذنبي فيكَ بل جُرُمِي
لكنَ ما فيكَ بعد الثلثِ قاصمةٌ .. ذكرى الفجيعةِ في المعصومِ حينَ رُميْ
إنَ ابنَ ملجمٍ إذ يأتيه في وجلٍ ..وقتَ الصلاةِ بقلبٍ غيرِ ذي نَدَمِ
يقدُّ هامتهُ غدراً فيا أسفا..من غدرِ مَضربهِ بالعالِمِ العَلَمِ
في كلِ عامٍ لنا في ذاكَ تذكرةٌ ..ما مرَّ عامٌ بلا ذكرى ولا ألَمِ
تكادُ ذكراهُ في التجديدِ تحرقني ..منَ الأسى رغمَ ما فيها مِنَ القدَمِ
واليوم مَذهَبُنا في فقد سيَّدهِ ..مغرورقُ العينِ في بؤسٍ وفي يُتُمِ
إذ كبّلوا بقيودٍ من مكائدهم ..وأثخنوا بجراحٍ دونَ ملتَأمِ
ديناً حباهُ إلهُ الناسِ قاطبة ..ومذهباً قد سَرَتْ آياتُهُ بدمي
أكادُ أقسمُ أنّ الحقدَ يشربُهُ ..بعض الأنامِ بكأسٍ سلسلٍ شبمِ
لمــّا دلجَتُ بدربِ الحقِّ أقطَعُهُ ..وصرتُ أُقحمُ حتى لاتَ مُقتحَمِ
وجدتهم سجّروا النيرانَ عن ضررٍ..وتابعوا أثر الشيطانِ في نَهَمِ
تباشروا أنّ نورَ اللهِ منطفئٌ ..فيهِ وصاحبهُ لا بدَّ في عدَمِ
ظنّوا الظّنونَ بأن الشمسَ غاربةٌ ..وأنَّهُ قد تساوى (البَهْمُ)بـ (البُهَمِ)
وأنّهُ رغمَ حبلِ اللهِ منصدعٌ ..وأنهُ رغمَ نورِ اللهِ في دُهُمِ
يرمونَهُ بسهامِ الحربِ في نِقَمٍ ..واللهُ يرميهُمُ ـ إنْ شاءَ ـ بالرُّجَمِ
أما دروا أنَّ صرحَ الشّرِّ معدنهُ ..هشٌّ ، فإن داعبَتْهُ الريحُ ينهدمِ
رباهُ أدعوكَ في ذا الشّهرِ مبتهلاً ..قذفاً بكلِ عروشِ الشرِّ في الأُممِ
يا خيرَ مرتهبٍ ، يا خيرَ منتَدَبٍ.. يا خيرَ محتَكمٍ ، يا خيرَ منتقِمِ
فأنتَ أنتَ الذي تقضي بلا جنفٍ ..إنْ شئتَ دامتْ لَهُمْ أو شئتَ لَمْ تدُمِ
1998م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق