ترحيب

اهلا بالزائر الكريم . نتمنى لك طيب الاقامة معنا

سعد هاشم الطائي

الثلاثاء، 11 مايو 2010

جمهورية البؤس 2008
نالتْ فمـــــــا رحمتْ مـــن بــــدريَ النضرِ
ضـــاقتْ فما فرجتْ فــــالصبر يـــــا قمري
لي ــــ كلَّ يـــومٍ بـــذي الأيــــامِ ـــ فاجعـــةٌ
حتى ضجرتُ ولكن هكذا قدري
وما فــــؤادي سوى ـــ إن كنتَ تعرفُـهُ ـــ
طيرٍ تخـــــفّى لَــــــهُ الصيـــــادُ في حـــــذرِِ
يخشى السهــــــــامَ إذا جــــــــاءته مفـــردةً
أنــَّى لصدِّ سهـــــــامٍ وهــي كــالمطرِ ؟
لمـــــا تـــــوالتْ عـــلى رأســي بأجمعِــــــــها
إبيضَّ رأسي لهــــا مـــن كَثرةِ الشزرِ
فالسيرُ في سحرٍ والمشيُ في سجر ٍ
والنــــومُ في سقرٍ والصحو في سفرِ
كمٌّ من المرديـــاتِ الســـــودِ تنقلُني
من داجيـــــاتٍ إلى أدهى إلى خــــــــورِ
فتشتُ في عالمي عن راحةٍ فسقتْ
مزنُ البرايــا نهيراتي من الكـــــدرِ
غطتْ سحـــــابتُـــهُ الســـوداءُ أزمنتي
ولـــــــوَّنتْ بســـــوادٍ خضرة َ الجُـــزُرِ
لله ِأنتِ بـــــــــلادي هــــل أرى مطراً
تخضرُّ منـــهُ الروابي غيرَ ذا المطرِ ؟
وهل سأصحــو على تغريدةٍ أسرتْ
من بلبلٍ آمــــنٍ يشدو على الشجرِ ؟
وهل سأنسى دخاناً ظــــــلَّ يسعلُنـــــــا ؟
وهل سأنسى أزيزاً ملَّــــــــــــهُ عُمُري ؟
تشكو السماءُ فراق السقسقات ِفلم
تبقِ المباضــــــــــع ُسكانــــــــــاً ولم تذرِ
أين العصـــــافيرُ ؟ما عـــــادتْ محلّقـــــــــةً
هل غـــــادرتْ مثل آلافٍ على الأثرِ ؟
والبلبـــــــلُ الناعمُ الغريـــــدُ في فرحٍ
أنغامُـــــهُ أصبحتْ أنغــــــامَ منكسرِ
حتى الهـــــديلُ الذي عفنــــــــاه ُمن زمنٍ
كأنما فـــــــــــارق الـــــــدنيا ولم يُــــعَرِ
***

يا مـــــوطنَ القتــــــلِ والتشـــــريدِ للبشرِ
هل صار قلبُكَ منذ اليوم كالحجرِ ؟
كلا , فأنتَ الذي يهفــــــو بأجنحـــــةٍ
لصــوتِ زريابَ أو ترجيــــــــــع ِمعتمرِ
وأنتَ أنتَ الـــــــــذي يحنــــــو بخافقِــــــــــه ِ
لـِـــــلابسِ الخزِّ مزهــــــــــــــــواً أو الـوبرِ
كلاً رأيتُــــــــــكَ تهـــــواهُ وتعشقُـــــــهُ
وهكذا دأبُ من يحيـــــا على الصَعَرِ
يا مـــــــــوطنَ البــــــؤسِ إنَّ القتــــلَ أُغنيةٌ
من عهــــــــدِ آدم غنّـــاها ذوو الفكرِ
لم يقـتـتــــلْ قبلهم طيــــــــــرٌ ولا حشرٌ
ولا استرابتْ بها قطعـــــــانُ مــــــــن بقرِ
أمّـــا الغرابُ الـــذي أودى بصاحبِــهِ
ما سنّها لــــــو جفتها ســـــوءة ُالبشرِ
من أولِ الخلـــــقِ وابنـــــــا آدم اقـتـتلا
قابيلُ قد صاغـــــها متبوعـــــةَ الأثرِ
تقمّصَ الشرَّ في جُلى مذاهبـــِـــــــهِ
وبـــاتَ يعزفُــــــهُ لحنـــــــــــاً على وترِ
أبنـــــاؤهُ الكثرُ في أيامِنـــــا زمرٌ
والأرضُ نافرةٌ من تلكُمُ الزمرِ
تـــــــــودُّ أنَّ ثمـــــــــاراً ليس تخرجُهـــــا
وكــــــلُّ خيراتـــِــــها تفضي لمندثرِ
غوايــــــةُ الخلــــقِ عاثتْ في منابـتــِــها
لـــــــــولا غوايـتُهم ضجتْ مـن الثمرِ
كنوزُ قارون لــــو عـدَّتْ مقـــــــارنةً
بما حوتْ ,كنـزُه ُصفرٌ مــــــن القصرِ
فباطنُ الأرضِ يهــــــدي مـن منابعِــــــــــهِ
لظهرِها والصدى : يا أرضُ فازدهري
وكلّلي الهامَ مـــــن أغصــانِ مشتجرٍ
وجمّلي الطـــــــــولَ في ثـــــــــوبٍ من الحبرِ
ثوبُ العراقِ غــــــــدا بالهمِّ مُتسخـــــــاً
وكان من قبلها في ثوبِـــــهِ القـــــــــذرِ
يحنُّ للبضـــــــــعِ أعـــــــــــوامٍ يُغـــــــــاثُ بها
لا يستز يــــــــدُ ولا يغـــــــدو بمعتصر ِ
خمسٌ تجـــــــاذَبـُها الأحزانُ فاستعرت ْ
فيهــا الخــــــلافـــــــاتُ بين الليثِ والـنَّمِرِ
وليس في خمسِـــــــــها ليثٌ ولا نـــَــمِرٌ
وإنـــّـما عقربٌ ترنـــــــو مــــــــــن الجُحُرِ
مشقــــــةُ العمرِ أذنـــــــابٌ تـتـــــــابعُنــــــــا
وسمُّـــــــها في ذنــــابـــاتٍ مــــــــــن الإبَرِ
وكلما صرتُ تحت الشمسِ تقصدني
أنـــّـى رحلتُ كظلّي يقـتـفي أثـــــري
يلوكُــــــني المــــــــوتُ لــو أمضي لنافلتي
في ثـوبِ (حيـدرةٍ) لا فرق أو(عُمرِ )
مَـــــنْ مُبلـــــــغُ الشرَّ ؟ أنَّ الموتَ محتقرٌ
عندي إذا لم يكن في خرمِ ذا العُمُرِ
أفاضلُ الخلقِ في العلياءِ مسكنُهم
ومسكنُ السفلِ في طامورةِ الحفرِ
وهكذا النـــــاسُ مظلـــــــومٌ ومحتقرٌ
أو ظـــــــالمٌ وهـــو في سربـــالِ مُحتَقَرِ
في كلّ عصرٍ لنـــا قابـيــــلُ مخـتـــبيءٌ
خلفَ الظلامِ ويـــدمي آيـــــةَ الفكرِ
قابيـــلُ قف واستمع ما جئتُ من عتبٍ
لكـنَّـــــهُ أسفاً كالـــوخـــزِ بالإبرِ
ما كنتُ أرجو له هجواً ولا هذراً
أستغفرُ اللهَ مــن هجــــــوٍ ومــن هــذرِ
لكنَّـني وسيـــــاطُ القهـــرِ تلسعُــــــني
ومشرطُ الموتِ مخطــــوطٌ على قدري
قــد كان لي عتبٌ أضنى بناصيــــتي
ليلاً وفارقني الإغمـــاضُ في السحرِ
همٌ يضـــافُ إلى مــــا كان لي سلفــــــاً
ما أكثرَ الهمَّ والآهاتِ في قمري !
صــوتُ الدراهمِ مشفــــــوعٌ بقرقعـــــةٍ
للقتـــــــلِ من سيفِـــــكَ المشبــــــوهِ والسُمُرِ
فالْـــــهُ بما أخــــذتْ يمنـــــــاكَ في وجــــــــلٍ
إن الــــدراهمَ لا تـعفيــــــكَ مــــن سقرِ
***
يا مـــــــــوطنَ البــــــؤسِ ما فـقـنا على سحرٍ
إلاّ وكان الضحى أعتى من السحرِ
هذا الظـــــلامُ ومـــــذ كانتْ طفــــولـتُنــا
ما فــــــارقَ العينَ في سهـــــلٍ ومنحــــــدرِ

وكلّما لاحَ في أنظـــــــــارِنـا قمرٌ
سحائبُ البـــــؤسِ غطَّتْ هالــةَ القمرِ
تعاقبَ الحكمُ فيهِ منـــــذ مــــولدِه ِ
من تــــاجرٍ جشــــــعٍ أو قائــــدٍ قــــذرِ
تلاعبوا فيــــــه حتى غـــــــاض ناضرُ ه ُ
ولم يعـــــــدْ فيــــــه من وردٍ ولا زُهُرُ
واستبدلوا الضوءَ بالظلماءِ في عنتٍ
فلم تكن فيـــــــه أيـــــــــامٌ بلا عثرِ
الجــوعُ والسجــــنُ والتهجيرُ ذي صورٌ
والحربُ والقتـــــــــلُ فيهِ أبشــعُ الصورِ
ألفيتُ روحي بهِ طيراً يغـــــــــازلُــــــهُ
وما رؤيتُ بهِ في ثـــــــــوبِ مـــــــؤتجرِ
وكلّما تاجروا في بيـــــع ِضحكتِــهِ
هزئتُ في كــــــــــلّ أفـــــــــــاكٍ ومتّجرِ
حتى استفاقتْ رؤى روحي على صورٍ
قــــــد أُطّرت أُطُراً مـــــــــن أبخسِ الأُطُرِ
يــا مـــوطناً قد وجدتُ الحزنَ معــــــدنـــَــهُ
ولـــم تـنرْ فيــــــــــــه أفراحٌ وتـنـتـشـــــــرِ
يـا أيـّها الطيرُ يا مَـــــنْ ضــــــــاعَ مـــأمنُـــــــــهُ
ومزّقتْ شملَــــهُ الهـــــــــاني يــــــــدُ القـدرِ
أراكَ مثـــــــــلَ فــــــــــؤادي ليس يـحــزنـُــهُ
غيرُ الخرابِ الذي قــــد عــــــاثَ بالشجرِ
ألفيتُكَ الصــــــادحَ الشاكي لـوحـــدتِــه ِ
ألفيتُكَ الطــــائرَ المكروبَ في العُصُرِ
تغريدُكَ الحلـــــــو قــد خفّتْ معالـمُـهُ
لـمّا أتــــاكَ الذي يرميـــــــكَ بالشررِ
عيناكَ في عشّكَ المسلوبَ ترقبُـــــهُ
قد هيّأ النفسَ ضمَّ البيضَ للسُمُرِ
في وابـــــلٍ من سهــــامِ الحقدِ ممطرةً
على نـــداكَ على أحلامِــــــكَ الغُرَرِ
حتى استفقتَ على جنـحٍ معطَّلــــــةٍ
لـمّـــا رُميتُ بسهمٍ أوّلَ السحـــــــرِ
إذ صــار موتُـكَ بعد الجرحِ مــوعدُه ُ
أدنى من النومِ عند المجهـــــــــدِ الخفرِ
سالتْ دماكَ فهل ترجـــو مؤازرةً ؟
كلُّ الطيورِ تناءتْ عنكَ بالشجرِ
يا مـــــــوطنَ البؤسِ أحببناكَ في صغرٍ
ولم تزلْ قبلــــــــةً للعشــــقِ في الكبرِ
خمســــــون إلا قليلاً عشتُ أعبقَـــــــها
في عشقِ بؤسِكَ محمولاً على خطرِ
يا منتهى العشـــــــقِ أنتَ العشقُ أولُــــهُ
ومنتهــــــاهُ , وهــــــــذا فخرُ مفتخرِ
يا منتهى العشــــقِ يا صوتــاً يسهّــــــدُنا
في كلّ آنٍ بلا جـــدوى من السهرِ
تغزو القلــــــوبَ بحبٍ في حبائـلــِـــــه ِ
قيـــــدٌ من الخسرِ لا طـــوقٌ من الظفرِ
فصـــار عاشقُـــــكَ الـــولهـــانَ ملتهبـاً
وكلُّ داهيــــــــةٍ أعتى مـن السجر ِ
أيقنتُ أنَّ الـــــــــذي يهــــــــــــواكَ ممتحـــــــــنٌ
وأنــّــهُ مـــــــــن ذوي الآهـــــــــــــاتِ والغِيَرِ
يا موطناً عــــــــلَّ مَـــــنْ يخشى مغالطــــــــــةً
عينيكَ في وجـــــــل ٍ ما عُــــدَّ مـــــن بشرِ
وعــــــــــلَّ هاجرَكَ النـــــــــائي بمهجتِـــــــــــه ِ
أمسى بهامتِـــــــهِ عقـــــــــــلٌ بــــــــلا فكرِ
فليس مَــنْ يعشــــــقُ الأوطـــــــانَ مغتربـــــــاً
مثلَ الذي يعشــــــقُ الأوطــــــانَ في حضرِ
كفرتُ في كل مَــنْ يهواكَ في حذرٍ
ولـن أُشـــــاطرَ مَـــنْ يـهـــواكَ في حــــــــذرِ
سيــــــانَ عنـــــدي بصحـــــوٍ أنتَ أو مطـــرٍ
قد خـــــانَ صحـــــــوكَ مَـــنْ يهواكَ في مطرِ
يا أيــّها العشــــــــــقُ في نبضي أُبايعُــــــــــــهُ
ولن أُبايـــــــعَ غيرَ العشــــــــــــقِ في عُمُري
أهــــــواكَ مـــــلءَ حيــاتي في ظلامتِهــــــــا
أهواكَ رغم الأسى والحزنِ والضجرِ
قدّمتُ كــــــلَّ نـــذوري في جلالتِـــــه ِ
هيهاتَ أجزعُ أو أشكو من النُـــــــــذُرِ
وليس للخــــــانــع ِ المرتـــــــاب ِ مغفـــــــــرةٌ
فذنبُ مَـــنْ شــــــــــكّ فيهِ غيرُ مغتفــــــــرِ
يا مــــــوطناً يغتــــــــــذي مــــن بـــــؤسِ محنتِهِ
ويرتوي آهـــــــــــــةً في عـــــــــــــودِه ِالنضرِ
سجيـــــــــةُ العشــــــقِ ما زالتْ تعانـقُنـــــــا
فعشـــــــــقُ آهــــــــــــاتِــهِ ضربٌ من الظفرِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق